مقالات ونصوص متنوعة

ذكر أم أنثى، بقلم : لمى أبو حمدون

ذكرٌ_أَمْ_أُنثى؟!
-أيها الجنين الجميل، أنا طوع أمركَ، اختر جنسكَ كما تريد لأمنحكَ إياه، أتريد أن تكون ذكراً أم أنثى ؟
= همسَتْ لي طبيبةُ أمِّي مِنْ وراءِ بطنِها المُدوَّر، والذي سأبقى بِهِ لِأسبوعٍ آخر، قبلَ أَنْ أَدُوسَ بِساطَ الحياة، وأُسجَّلَ في دائرَةِ النُفوس، والآنَ علي تحديد جنسي الذي سيحدِّد حُقوقِي وَواجباتي؛ لِذا سَأَتأنّى فِي اتِخاذِ القَرار . حسناً، إن كنتُ ذكراً سأنعَمُ بحبٍ كبيرٍ وحريةٍ أكبر تكادُ تتعدَى عَلى حُريةِ غيري، الجميعُ سيرحِّبُ بِرجلٍ يحفظُ إرث العائلة مِنَ الضياع. أبي سيكونً فَرِحاً لِأنَني سلاحٌ يقذفُ بِهِ مَنْ شَكَّكَ بِرجولتِه، أمي أيضاً ستبتهج، وقَدْ يُنسيها دلالُ أَبِي تربيَتِي، وَإِن ِاسودَّتْ صحيفةُ أخلاقِي لحيَتي الكثيفةُ ستشفَعُ لِي. بِالمُقابِل سأُجبَر على الهِجرة؛ لإدخّار مالٍ كافٍ للفوز بخَلِيلةِ الفُؤادِ، والإنفاقِ على أبنائي مُستقبلاً. وإن كنتُ أنثى سَأُحرَم مِنْ نصيبي بِالحب، لِأَنَّ لا أحدَ يقبلُ بفتاةٍ تُحادثُ الشبابَ زوجةً لَهُ أَو ابنةً، فَأبِي سَيكفهِّرُ وجهُهُ حِينَ تلَّقيهِ خبرَ أنوثتٌي، وَأُمِي سيتمكَّن مِنها الخوفُ مِن شبحِ الزوجةِ الثانية، الذي حملتُه لها معي، سيُلبِسونَني ثوبَ الطاعَةِ المُطلَقة، بعدَ أَنْ يُعصِّبوا عينَيَّ ويُصِموا أذنَيَّ ويُخرِسوا فمِي بعُصبةِ العيب، فَأنا فتاةٌ عيبٌ أَنْ أعطِيَ رأيي؛ لِأَنَّ اتِخاذَ القراراتِ كارُ الرجالِ، عيبٌ أَنْ أُناظِرَ المارَّةَ فَالوضعيةُ المِثاليةُ لِلمشي، تنكيسُ الرأسِ توقيراً و تحديبُ الكتِفَينِ خضُوعاً.
= طبيبَتِي الجَمِيلة، فِي مُجتَمعِنا الخيارانِ أَحلاهُما مُرّ، أَلا خيارَ ثالِث، لا يُمكِنكِ مثلاً إعادةَ المُجتمعِ العربِيِّ إِلى سابِقِ عهدِه، حيثُ العدلُ يُنيرُ الحياة، والجَميعُ يتبٍّعُ تعاليمَ الإسلامِ الذي حفظَ لِلجنسين حقوقَهُما، وَجعلَ المَحبةَ والاحترامَ أساسَ العِلاقة ؟! أو لعلكِ تعودينَ بِالزمنِ  لِأحيا في كنَفِ الرسولِ -صلى اللهُ عليهِ وَسلَّم-  ؟
– لا أيها الجنين، لا أملكُ أَنْ أُغيَّرَ حالَ العربِ دونَ سعيٍ مِنْهم لِذَلك، ولا أملكُ إِعادةَ الزمن، فقط أعطيكَ الجنس الذي تشاء .
= إذاً اجعليني طفلاً غربياً من أفراد المجتمع الغربي، أو اجعلي أمي تجهضني لا أريد أن أحيا عربياً لا أريد ! …. 

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
أخبار طفولية، بقلم : محمد عدنان عاشور
التالي
آدم، بقلم : بيان أحمد الريحاوي

اترك تعليقاً