مقالات ونصوص متنوعة

سجن الحياة/بقلم:أحمد عزالدين علي..(ليبيا) “نص”..

 في ليلة هادئة تحت ضوء القمر الجميل، نام كل من في القرية، وبقيت أنا مستيقظا في غرفتي كالعادة، منتظرا قدوم ظلال كوابيس تلاحقني في أحلامي، كانت تخرج أمامي علي هيئة رجل طويل القامة، شديد السواد، له وجه فزاعة، ماسكا في يده سكينا علي هيئة منجل، مرتديا جزمة طويلة كان يغطيها طين أحمر، في كل مرة كنت أحاول أن أخرج هربا من احدى متاهاته المرعبة كان لي بالمرصاد، أردت بشدة الخروج إلى الواقع والتخلص منه إلا أنه بقى جاثما علي صدري طيل تلك السنوات الطويلة، ملتفا حولي بكل قوة، لقد كان متعطشا لشرب أفكاري والتغذي علي مواهبي وسجن مبادئ، لقد كان يفعل مايحلو له مستعينا بكل أنواع الظلم والإستبداد لطمث ذكرياتي ومحو هويتي، يشتهي أذيتي يستمتع بسماع أنيني يتلذذ بضعفي، يريد بشدة أن أخضع لحكمه والإستسلام لجبروته إلا أنني كنت أواجهه بالعصيان والتمرد، فلم يكن لدي ما اخسره بعد الذي خسرته، لم يكن باليد حيلة كان لابد لي من الهروب والتحرر من مخالبه إلا أنه كان قد اخذ الحيطة مسبقا، فكل تحركاتي كانت مكشوفه، كان قريبا مني كظلي إلا أنه كان جالسا فوق كتفي، كنت كالدمية بين يديه، كنت مسجونا في ظلال ظلامه الدامس وحيدا في زاوية زنزانتي كعصفور صغير يغني بحزن في قفصه الذهبي وهوا يشاهد عبر النافذة سرب من الطيور تحلق في السماء بكل حرية، سئمت كل هذا الظلم! لقد حان وقت كسر القيود، وداعا للصمت والخوف، إما أن أنتصر في معركتي أو أن أكون ذليلا وراء تلك القضبان الباردة، تفجر المارد بداخلي سأحارب بكل ما لدي من قوة، صرخت عاليا في وجهه أنا لا أهابك ! كفاك ظلما ارحل ولاتعد، إقترب مسرعا مني وقام بصفعي حتى وقعت أرضا، أشار بيده الي زنزانتي وقفت مجددا، نظرت إلي عينيه لم أتحرك من مكاني معلنا له أنني لن أعود حتى لو كان الثمن حياتي، إنه  لشرف لي أن أموت ألف مرة في سبيل حريتي علي أن أركع لظلمك، ليس لدي سلاح لأحارب به سوى إيماني الشديد بحقي في الحياة، إن إرادة الحياة أقوى من أي سلاح، إن أجنحة الحرية لا يتسع لها أي زنزانة ولا قفص ولا تستطيع أي قيود أن تقيد أفكاري “إن العصافير التي ولدت في القفص، تظن أن الطيران جريمة ” وهكذا أيضا هم من وضعوا طوق العبودية في أعناقهم، يظنون بأن الحرية جريمة بشعة تدنس معتقداتهم وتخالف أراء من يمسكون بطوقهم، وما هم إلا بيادق ليس عليهم سوى السمع و الطاعة، الحرية هي أن تكون سيد نفسك، إستيقظت اأخيرا بعد ليلة طويلة مع صراع لم أستطع أن أتذكر ما جرى في أحداثه، لأجد علي سقف غرفتي عبارة منقوشة بشكل عميق باللون الأحمر كتب فيها (مازلت سجينا لدي) …

إقرأ أيضا:أسباب تشوه الجنين

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
أنت الوحيد، بقلم : بتول لفتة العقيلي ” نصوص نثرية ”
التالي
أشلاء الوصول، بقلم : حذيفة أبو التقصيرة ” نصوص نثرية ”

اترك تعليقاً