مقالات ونصوص متنوعة

خيبة لطيفة،بقلم:رغد رائد طلافحة

خْيبة لَطِيفَةٌ
كطفلٍ يَخْرُج للتو مِنْ رَحِمَ أُمِّه يُمْلِي الغُرْفَة صِراخًا ، كعجوزٍة فِي أَوَاخِرِ عمرِها تَتَمَنَّى مِنْ اللَّهِ أَنْ يَرْحَمَ ضَعْفِهَا وَقِلَّة حيلتها ، كأمٍ تَصَارَع الْأَلَم بابنٍ لَهَا تَتَنَازَع رُوحَه أَمَامَهَا ، كطالبٍ تتلعثم أقْدَار النَّجَاح وَالتَّفَوُّق بأيامه ، كأسيرٍ يتناوبه شُعُور الخيبات وَالْمَوْت دومًا ، كوردةٍ خائبةٍ تَتَمَنَّى مِنْ أَحَدِ أَنْ يَسْقِيَ عَطَّشَهَا ، كفاقدٍ لَا يشاطر أَحْزَانُه سُوء عبرَاته المنهمره عَلَى وَجْنَتَيْه ، كبريءٍ مَاتَت آخَر لهفاته وأمانيه بِمَوْت شاهدٍ يُبَرِّئُه مِن قَضِيَّتُه قَبْل الْجِلْسَة بثوانٍ ، كعقيمة تنتظرُ معجزةٍ إلَهِيَّة تَقْلب مَوَازِين الْقَدْر وتتورد بِخَبَر حمْلِها ، كمغتربٍ يَعُود لِيَرَى أَمَةٌ قَبْلَ وَفَاتِهَا فتخرح رُوحِهَا وَهُوَ عَلَى أعتاب المشفى ، كعاشقٍ لَا يُخْبِرُ أحدًا بمحبوبته لَكِنَّهَا تُفِيضَ مِنْ عَيْنَيْهِ يُحَاوِل تخبئتها جيدًا فيلمحونها عَلَى وَجْهِهِ كالشحوب ، كَدَمْعِةِ مظلومٍ تُغْرَق سَوَاد اللَّيَالِي فَلَا يُجدى لَهَا بالًا ، كيتيمٍ يَقِفُ عَلَى شُرفةِ الرَّدْهَة يَنْتَظِر مَجِيء وَالِدِه بضحكات تتسابق فِي صَدَى الْمَنْزِل ، كخادمةٍ تضطهد وتقهر فِي بَلَدٍ أخرِجت إلَيْه عنوةً فِي طفولتها وَلَم ترَ نُور السَّعَادَة لحظةً ، كفقيرٍ تحطّم أَشْلَاء وَأَصْبَحَت كِسرة الْخُبْز لَدَيْه مُسْتَحِيلَةٌ ، كخيبة كفيفٍ أَخْبَرُوه أنَّ السَّوَاد الحالك زَائِل بَعْدَمَا كَانَ يَجْزِم أنَّ الْوُجُود كَامِلٌ فِي سوادٍ عارمٍ ، كَصَاحِب إِعاقَةٌ يَتَفَجَّر مِن جَنَباتِه التنمر وقهقهات الْبَشَر تَصْدَح فِي سماءِ عَجْزِه
هَكَذَا أَنَا ، ، هَكَذَا خيباتي ، هَكَذَا أَيَّامِي ، أشهق حزنًا واجتثي حسرةً ولومًا ، تتوم وتتبعثر الْحُرُوفِ عَلَى شِفاهِي وَلَم أَجْيَد صِيَاغَتِهَا ، صبرًا

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
ليلة مروعة, بقلم : أماني شيخ إبراهيم “نص”
التالي
الألم المجفف، بقلم: الشاعرة : نغم نبيل سلمان “شِعر”

اترك تعليقاً