قلتُ لكَ مرةً إيّاكَ أن تُحبَّ كاتبةً وتتركَها ، لم تفهمْ مقصدي حينَها ، لأنَّك لم تكنْ تعلمُ أنَّ كلَّ النُّصوصِ الَّتي كنتُ أمليهَا على مسمعِكَ هي عِبارةٌ عن جهدٍ بذلْتُهُ باللَّيلةِ الَّتي تسبقُ لقاءَنا ، وعِندما تأتي لتقولَ لي مَنِ الكاتبُ ؟ كنتُ أتَحايلُ عليكَ لأُنسيَكَ الموضوعَ ، إلى أن أتى يومٌ و أصرّيْتَ على معرفةِ الاسمِ ، فقلتُ لك اسمًا مزيّفًا و هو “شوق” ، استغربْتَ من الاسمِ وقتَها ولكنِّي أنهيتُ نقاشَنا و قلتُ : إنّي أريدُ الذَّهابَ..
لم أكنْ أعلمُ لِماذا لم أخبرْكَ أنَّ كلَّ تِلكَ النّصوصِ كتابَتي وكلماتي ، هيَ فقط بعضُ كلماتٍِ من قلبي إليكَ ، تارةً كنتُ أخبرُكَ عن حبِّي الّذي لا ينتهي ، و أخرى أعاتِبُكَ على تجاهلِك رسالةً و أذكرُ لكَ فيها هُيامي بالتَّفاصيلِ ، ثمَّ نصوصٌ تحتوي على ” أرجوكَ لا تتركْني ” ، و الأخيرُ كانَ مقدّمتَهُ ” إيَّاكَ أن تُحبَّ كاتبةً “
أجل ، أجل سأُخبرُكمْ لماذا الأخير..؟!
بالبدايةِ ، كنتُ أغرِقُهُ بالنُّصوصِ عنهُ و إليه ، و أحكي له عن مدى حُبِّي وتَعلُّقي ، و في منتَصَفِ علاقتِنا بدأتُ أشرحُ له اهتمامي وحُبِّي للتّفاصيلِ ، ذكرْتُ لكَ فيها مدى حزني لتركِكَ رسالةً مهمَّةً بالنَّسبةِ لي.. ، و بعدَها _وهنَا تقريبًا كنتُ أفقدُ الأملَ منك_ كتبتُ عن مدى حزني و ألمي إذا فارقْتَني ، ثمَّ رأيتُكَ مع أخرى تنظُرُ إليها بحبٍّ ، رأيتُ رسائِلَكم مرّةً صدفةً ، وقتَها رأيتُ حواسَّكَ كلَّها معها ، فغلبَني الفضولُ ونظرتُ ، تمنّيتُ وقتَها أن تكونَ تِلك من رسائلي ، تغيَّرتَ كثيرًا ، تَهرّبكَ مِنّي، تَجاهلكَ الَّذي أماتني ، كلُّ شيءٍ أتعبَني منك.. ، و لكنّ برودي غلَبَني مع أَنِّي كنتُ أَغلِي من دَاخلي..
اتَّصلتُ بكَ أخبرْتُكَ… أريدُ أن أراكَ..
_لِماذا؟
كنتَ تسألُ عن سببِ اشتياقي..! يا لقساوتِك .
بعدَ جلسةِ جُهدٍ و إقناعٍ اتّفقنا ، وَ لكنَّكَ زعمتَ أنَّهُ ليس لديكَ وقتٌ ، و عرفتُ بإحساسي الَّذي لم يخطئْ مرّةً أَنَّك على موعِدٍ معها..
رأيتُك ، كانَ في نظرتِكَ شيئًا غريبًا، كنتُ أتوقَّع هذا بصراحةٍ ، تبادَلْنا الكلماتِ الرّوتينيّةَ ثمَّ أخبرتُك.. هناكَ نصٌّ جديدٌ.. تأفّفتَ و قلتَ لي مع ابتسامةٍ مصطنعةٍ.. حبيبتي ألم أقلْ أنَّهُ ليسَ لديَّ وقت.. !
_دقيقتان فقط و تذهَبْ.. !، اصبرْ قليلًا لن تُضَرَّ ..
بدأتُ فيه و كانَتِ المقدّمةَ ” إيّاكَ أن تُحبَّ كاتبةً ” ، قاطعتني حينَها ، عدنا لهذهِ الجملةِ الَّتي لا أفهمُ منها شيئاً.. !
ابتسمتُ أنا و بقلبي ألفُ غصّةٍ وأكملتُ النَّصَّ ، عقلُكَ في جلساتِنا الأخيرةِ لم يكنْ معي ، كنتَ تطالعُ هاتفَكَ بين الثّانيةِ وزالأخرى ، ثمّ قرّرْتَ أن ترحلَ ، انتهيتُ من وداعِك ثمَّ مضيتَ أنت ، نظرتُ إليكَ نظرةً أخيرةً ، كنتُ أحاولُ أن أملي قلبي منك ، نظرةً طويلةً ، انكسارٌ في قلبي ، دمعَةٌ في عيني ، كُلِّي يواسِي كُلِّي ، لأنَّهُ لا أحدٌ لي سواي ، فكنتُ أواسي نفسي بنفسي..
ثمَّ…اختفيتُ من حياتك بلا مبرّر ، كنتُ أداوي نفسي..
اتّصلْتَ في اليومِ الأوّلِ ، أرسلتَ رسالةً في اليومِ الثَّاني ، ولم أرَ منك شيئًا بعدها..
كانَ هذا مبتغاكَ… على كلٍّ ، مضت أيامٌ كثيرةٌ ، تعبٌ و انكسارٌ ، دُموعٌ و أمراضٌ كانت تلحقُ بي ، و أنا ما زلتُ أداوي نفسي شيئًا فشيئًا..
بعدَ سنةٍ كاملةٍ..
أُوقِّعُ روايتِي الأولى باسم “شوق” الَّتي كنتَ أسوأ شخصيّةٍ بها.. أجل تداويتُ وتعلّمْتُ..
تداويتُ منكَ لأنَّكَ لم تكنْ سوى مرضٍ مقيتٍ ، الوقتُ كان دوائي الوحيدَ ، ثمَّ قُوّتِي الَّتي تفاجأتُ بوجودِها..
وتعلَّمتُ أنَّ أمثالَكَ لا تقِفُ الحياةُ بسببِهم ، يمكنني أن أُكملَ و أحققَّ أحلامي ، حبُّ أشخاصٍ مثلكَ كالكذبةِ ، بإمكَانِنَا تركُها والخروجُ إلى الحقيقة بِأيِّ وقتٍ..
كان الإهداءُ لك.. ! ، كنتُ أكرهُك كثيرًا و مع ذلك كانَ لك..
_إليك.. إلى أحقَرِ شخصيَّةٍ على وجهِ الأرضِ ، شُكرًا على نجاحي الَّذي كان سببَهُ أنت..!
وتَذكَّر.. إيَّاكَ أنْ تُحبَّ كاتبةً و تتركَها مرّةً أُخرى.. مع كلِّ الكرهِ..
أرسلتُ نسخةً من روايتِي تِلك إلى بابِ منزلِكَ مع توقيعي.. !
أنا نِلتُ شُهرَتي و نجاحي ، حقّقتُ حلمي ، و أنتَ لم تنلْ سِوى الدُّموعِ و الانكسارِ بسببِ تلك الفتاةِ الَّتي تركتْكَ كما فعلتَ أنتَ معي..!
كما تدينُ تُدان تركْتَ فتُرِكت..
Comments
0 comments