قصص نجاح

أنا في اللامكان بقلم إسراء عمر

قصة قصيرة
________________ .

“أنا فِي اللامكان”

إنتَهى عَصر الحَياة ، وَزال عُنصُر الوجُود .
لا أَدرِي سَببَ قرائتك لروايتي قارئي العَزِيز ، فَأَنَا كَتبتُهَا عُنوتًا، في الخَامِسِ مِن دِيسَمبر قُبَيلَ العَامِّ الجَدِيد ،لِأُنهي كتاباتي وذاتي المنحرقة مَعَهَا وَأَدخُل العَامّ الجَدِيد بإبتسامة مُزيَّفة مع عائلتي المُكوَّنة من ثَمان أَفرَاد .
جَحيم ، لَهيب ، نَار ، رَماد ، وَالحياة ، جَمِيعها حارق وأراهن أن الحياةَ أَكثرُهُم تَأْثِيرًا وَآثَار الحَرق فيها لا يزول ، حيث سأبقى أَنا فِي اللامكان .
في رِوَايَتي لا نَبذَة عَن كَاتِب وَلَن أَذكُر أخبَارِي، فأنا أكتُب بِفِطرَتي وَبَحثًا عن الشهرة فأحصل عَلَى المَالِ لِأَسُدَّ رُمْقَ فِكْرِي الجَائِع ، وَأَنتَ تَقرَأُ إمَّا لتستمتع برِوَايَة مَا عَشوائِيَّة أَو تنتقد كتاباتي وتنقد أفكاري،
وَاقِع أليس كذلك!
رُبَّما الحَقِيقَة مُزعِجَة وَلَكِن إن كُنت مُهتَم لروايتي فَهَذِه نِهَايَة عَصرِ مَا يُسَمَّى الحَيَاة
سِر مَعِي لِلصَّفحَة المُقَابلَة لِتَعرِف مَعنى المَوتِ حَيًّا .

عَين ، نُون ، قَاف ، وَلَام ، لَا لَيسَت شيفرة وَلَيسَت رَمزًا لِآثَار دُفِنَت في البِقَاع فَلَست بذَاك الِاهْتِمَام بِالتَّارِيخ أَتَحَدث عَن مَوتِي وَأَرَدتُ أَن أُضِيفَ عُنصر التَّشوِيق وَالحُرُوف ، إنَّهَا الشيء الوَحِيد الَّذِي بِلَا مَعْنى أَرَدت إضَافَتُهُ فِي رِوَايَتَي لِتَكمُل مَعِي لِلصَّفحَة القَادِمَة دُون تذمرك مِن المَلَلِ .

إقرأ أيضا:قصص نجاح ملهمة عربية

فِي صَبَاحِ الْخَامِسِ مِن دِيسَمبِر البَارِد ، فِي مَنزِلِي فِي أَحَدِ القُرَى الَّتي لَن أُخبِرُك أَين وَلَن تَكتَرِث أَنت عَزِيزِي القَارِئ لِهَذِه الْمَعلومَة ،
استَيقَظَت مِن النَّومِ عَطَشِه ، بَل أتماثل للجفاف الحَاد فِي حَلقِي ، وَقَفت مُحَاوِلتًا التَّماسُك ، فالسَّاعة كانَت الرَّابعَةُ فَجرًا وَالكل نَائِم إِلا أَنا وَمُنَبه وَالِدِي الذي لا يَسمَعُهُ أَحدٌ فِي المَنزِلِ غَيْرِي كأَنَّه يذكرنِي بِأَني مُحَرمَة عَلَى النومِ ،
أَذكرُ أَنِّي أَخبَرتُكُم بنهوضي لِشُرب المَاء وَأَخَذَتنِي التفَاصِيل الأخرَى ، مَهلًا . . أَجل ! سِرتُ نَحو ساقيتنا في البَيتِ لأَشرَب المَاء وأعود لكوابيسي المُعتَادَة ، وَهُنَا حَدَثَت فاجعتي،أظنني اِختَرَقت بَاب الغُرفَةِ لَا أُذكر أني مسكت مقْبض البَاب !
وَلَكِن هَل مَا زِلت نَائِمَة أَحلَم،بإمتلاكي قُوَى عَجِيبَة ، أم أَنَّ هَذَا مِن أَثَرِ النعَاس وَالإحبَاط وَالعَطش،رُبَّمَا !
لَم اِكتَرَث وَأَكمَلت لِبَاب الثَّلاجَة وَتَكرَّر المَوقِف وَلَكِن كَيفَ أُخرجت قَارُورَة المِيَاهِ مِن الثَّلاجَة دُون فَتحِهَا ؟
مَا هَذَا ؟ صَوت صُرَاخ قَادِم مِن غُرفَتِي فِي الرَّابِعةِ فَجرًا
ذهبت مُسرِعَة لأرَى مَا حَدَثَ وَلَكِن هَذَه المَرة كُنت مُسرِعَة فَلَم أعط إختراقي الأبوَاب اهتِمَامًا هَذِهِ المَرَّة ، وَصَلَت وَلَكِن هَل الذِي أَرَاهُ فِي غُرفَتِي حَقِيقِي ؟
مَهلًا ، أَرَانِي جُثَتًا مُلقَاة أَمَامِي وَالجَمِيع مُلتَفٌّ حَولِي وأنَا أَقِف أُطالِعُني بدهشة . .
مَاذَا ؟ كَيف لِهَذَا أَن يَحصُل ؟
أأنا تِلك الوَاقِفَة أَشرَبُ المَاءَ ؟ أَم تِلكَ الَّتِي تَستَلقِي بِلَا حَرَاك عَلَى سَرِيرِي ؟
والعجيب أَنَّهَا نُسخَة أُخرَى مِنِّي تشبهني فِي أَدَقّ تفاصيلي ، أَجل وتمتلك تِلك الشَّامَة البِنيَة فِي مِعصَمِهَا مِثلِي ، مَهلًا هَل هَذِهِ أَنَا ؟ وَهَل الأشخَاصُ الَّذِينَ يَبْكُون ملتفين حَولَهَا أَهلِي ؟
تَقَدَّمت خُطوَتَين بطيئات جِدًّا هَزَزْت كَتِف وَالِدِي وَسَأَلتُه مَا الَّذِي يَحصُلُ !
أَنَا : وَالِدِي وَالِدِي ،
وَلَكِنْ مَا الَّذِي يَحْصُلُ !
لِمَا لَا يسمعونني وَلَا يَشعُرُونَ بِي وَلَا يَرَونِي مَهلًا أَحَدُهُم قَالَ: قَد مَاتَت
وصرخت الأخرَى: لااا
لَم تَخرُج كَلمَة لَا مِنهُم لِام وَأَلف بَل خَرَجَت كَلِمَة لَا مِنْهُم كأَنَّها أَذرُعٌ لِمِقَصٍ يُغلَقُ وَيُفتَحُ أَمَامِي بِلَا رَحِمَه
هَل حَقًّا تُوُفيَت ؟
وأشاهد لحظاتي الْأَخِيرَة أَمَامِي ؟
مَرَاحِل تغسيلي ودفني وَإِلْقَاء جثتي فِي تِلْكَ الْحُفْرَةِ الْمُظْلِمَة !
أَجْلِ إنَّهَا لحظاتي الأخِيرَة ، حَيْث أذْهَب وأتلاشى بِلَا أَي وَدَاع مُنَاسِب، كَانَت حَياتًا كالجحيم وَهَا هِي تَنتَهِي دُونَ سابقِ إِنذار وَمَع سُقُوطَ هَذِهِ الجُثَّة فِي ذاك القَبرِ ستتلاشى هَذِه الرُّوح الَّتِي تَتَحَدث الآن .

إقرأ أيضا:قصص أغنياء بدأوا من الصفر

وَدَاعًا . . .

بحبري والراء منتهية : إسراء عمر .

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
مظاهر شتاء: بقلم ملاك حسن داوود
التالي
ورقة بقلم إسراء عمر

اترك تعليقاً