منوعات أدبية

جوعى الحب، بقلم: إيناس حايك “نص نثري”

أتعلَم يا غوستاف !
كانت في الماضي مائدتنا مدعومة بالحُب
لاشيء سواه يحتلّ مائدة الطعام
كُنّا نصير الأمل عصائد قمح فتية

يؤسفني أن أقول لك يا غاس .. أننّا وبعدَ حربٍ دامَتْ قرابة عشر سنوات ..
مازالتْ مائدتنا لاتكفُّ عن الرّعد والبَرق
بينما تدقُّ كؤوس الوحشة

نترنّح سكارى تساؤلاتِنا
بأدمغةٍ مثقوبةٍ ثقوب جدار ارتجف في أحضان الهاون فأبكَتْهُ الثقوب..

تحدّق بنا أطباق الخوف التي تصطَكُّ قبالة بعضها
وَ تقطعنا ..
فتنبت لها سيقان طويلة تدهسنا وتنال من قوانا الخائرة وَ تتناولنا بشراهة ..

ونحن!!
آهٍ على من استسلمَ بسخاء ..

تقضمُ صَمتنا ونحن متحلّقين حول مائدةٍ صغيرة لا تتّسع لآلامنا

نحنُ يا عزيزي يستنزِفُنا الماضي
ففي كل مرة تُباغِتنا العواصف نلوذُ إليه متعلّقين بحبال ذكرى أو أخرى ..
حيث كانت رائحة رغائف الحبّ تعطّر الجوّ وكان عبقها الطازج يشعرنا بالدفئ

لقد مضى على تلك الذكرى دهرٌ من الدمار والويلات

جبناءٌ نحن!
يفزعنا أن نعترف لأنفسنا أننا ننبشُ في طيّات الذاكرة عن رغيفِ خُبزٍ دفين خان الحربَ ولم تعفّنهُ الدماء ..
وأنّ الفصول قد توقفت عن تبادل الأدوار ..

إنّ الشّتاء مُلتصقٌ بجلودنا ..
يشتعل في قلب المواقد و يتسلّقُ سقوف الحجرات و ينبض في فتيل الشمع الأحمر
(فكم يرعبنا اللون الأحمر)

إقرأ أيضا:دعيهم، بقلم: يمن شلاش ” نص نثري”

يجلسُ كالطفل في زوايا المنزل الضيّقة
تُخرِسنا نظراته التي تهدّد بالبقاء
وتغني لنا في كل ليلة تهويدات الموت

تتسلل غيومٌ صغيرةٌ إلينا .. تبلّلها أحزاننا فتبكي
و يخيفنا أننّا بتْنا ضحايا الانتظار ..

نلوكُ اليأسَ فُتات الموائد
أخشى أو أكاد أجزم أننا قد صرنا جوعى الحُبّ ..

|إينــــاس حايــــك|

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
نص نثري بقلم نانسي محمد الكسواني
التالي
نص نثري بقلم براء حسين

اترك تعليقاً