مقالات ونصوص متنوعة

نص نثري بقلم الآء عبد الجبار كايد

لا زلتُ أراكَ.
جِئتَ لزيارتي مراتٍ عديدةٍ و في كل مرةٍ جِئتَ بها كانتْ السعادةُ تسكُنني فيغمُرني الفرحُ أثناء تلك الزيارة التي لا تتجاوز الدقائق العَشر و الابتسامةُ ترافقني طيلةَ وجودكَ، ثم تتلاشى رويدًا رويدًا حين أستيقظُ و ادرك بأنّكَ رحلتَ إلى الأبد ولن أراكَ مجددًا الا في أحلامي و أوهامي، و أن ما رأيتُه منذُ بِضعِ ثوانٍ كانَ مُجردٌ طيفٍ احتلَني و أحلامي.
رحلتَ مُبكرًا، دونَ سابقِ إنذارٍ، دون مُبررٍ و دونَ كلام، بشرٌ أنتَ، خُلِقتَ مِن تُرابٍ و عُدتَ إليه، جئتَ بمفردك الى هذهِ الدُنيا و عدتَ مِنها بمفردك.
ألم نتعاهَد يا عَزيزي أن نمضي ما تبقى من عُمرِنا سويًا، وأن نَتجاوز الصعاب معًا و أن نتشارك الحُزن و السعادة، ماذا حلّ يا عَزيزي لتخلّ ببنودِ العهد؟
ترحل هكذا بشكلٍ مُفاجئٍ تاركًا ورائك أناسًا حزينةً، عيونًا مُتجهمةً مِن شدةِ البُكاء، ألسنةً أصابها الوَجم من هولِ الحَدث و أنا، الفتاة العَجوز اللتي كَبُرتْ ألفَ عامٍ لحظةِ وفاتك، فباتت لا تستطيعُ تَقُبل الحاضِر الذي تعيشه و تحيا على قَيدِ الماضي و الذكريات.
فتمر الأيامُ و الأسابيع و الشُهور و الأعوام و لا زالت تُحادثُ صوركَ و ترافقُ طيفك أينما ولّت، بالرغمِ من كُل الوقتِ الذي مرّ على غيابك إلا أنها لا زالتْ تُكذبُ خَبرَ وفاتِك و تحدثُ كُل مَن حَولها عنك و عمّا تفعلهُ برفقتك، لا زالت لا تدرك أنّك رحلتَ و أنّ من يرافقها مجردٌ طيفٍ و وهمٍ و تخالهُ حقيقةً.

إقرأ أيضا:قُدّر لنا الفراق، بقلم: إسراء قدري محمد

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
فك سحر اللعبة (1):”الشيخ سالم موسى السرحان”
التالي
فك سحر معمول على الموس الكباس الشيخ:”سالم موسى السرحان “

اترك تعليقاً