مقالات ونصوص متنوعة

“تيقّظي يا أُمّة” بقلم بلقيس محمّد الشوبكي(نص نثري)

تيقّظي يا أمّة

_وتسألني يا مَلك عن حال الأمّة الإسلاميّة اليوم، جريحةٌ جريحة لاهية مُتخبّطة.

_نحن في عصر المادّة يا بلقيس، هذا ما قاله لي جدّي ذات يوم
لا يهُم أن ينتزع فُلان لقمة الآخر من أمامه في سبيل أن يُطعمها لأولاده أو أن يزيد ثروته.
_ الفكرة الّتي سأُدلي بها أسمى.
_ السّؤال ينخرني من الدّاخل، كيف سنسمو ونحن في قاع المادّة نشدُّ شعر بعضنا على لقمة العيش!
_حال الفرد اليوم يتذبذب بين دوامات وصراعات جعلته بعيداً عن تكوين شخصيّة قياديّة.
_مثل؟
_دوّامة الهدف هي الشّغل الشّاغل لأغلب الأفراد اليوم، تأمين الحاجات الضروريّة وامتلاك بيت يؤوي الأبناء، بعد مُعاركة شرِسةٍ إما ينتصر أو يخسر فيها، فابتعدوا عن أهداف سامية تُحقّق وجودهم مما جعل الضّغوط وتحوّل آلاف المتطلّبات الصّغيرة إلى ضروريات كمُخدّر لأي خطوة جديدة.
و النّتيجة المُضنية أنّ هذا يجعل الإنسان فاقداً الشعور بأعماق ذاته لاهثاً وراء المادّة مُتخبّطاً و لاهياً فيما مصيره الزّوال.
_ لكن هذا ما توارثناه، يُقبل الشاب على التعلّم ليُحقّق في مخيّلته الثروة الّتي ينشُد، وينفق سنين عُمره ليمتلك ويعزّز نفسه ويرتقي بمنصبه ليزيد الرّقم الّذي سيُحصلّه، فيدّخر ويبني ثمّ يتزوج، يُربّي أولاده أيضا على نفس النّهج، وهكذا دواليك…

إقرأ أيضا:مواصفات برج الاسد

أعلم أنّ الحياة لا تخلو من الضّغوط، لكن إن جعلنا السيناريو السّابق هو قمّة الهرم الّذي يرجوه الفرد، سيسوء الحال في الأمّة إلى أبعد حد، برأيي أن يكون الشّخص يسعى لهدفٍ أسمى يُخلّفه وراءه بعد مماته يُفيد الغير به ينهض بالأمّة ويرفع قدرها على نهج ما نتميز به عقيدتنا وتشريع إلهنا.
_ نحن نعاني من الخواء الرّوحي يا مَلك، نعاني من الضّعف في إحساسنا بالواجب الّذي من أجله خُلقنا فيُعوّض الآخرون هذا النّقص بالاستهلاك البذخي التّرفي، بالمقابل الموظّف ذو الدّخل المتوسط اليوم يحتاج أن يدّخر كلّ مرتباته لمدّة عشرين سنة فقط ليتمكّن من امتلاك منزل..!
وماذا أقول في البطالة هي مشكلة المشاكل، قال أحد الباحثين إنّ هناك أجيالاً تولد وتعيش وتموت دون أن تجد عملاً مُلائماً.
_وأزيدكِ من الشّعر بيتاً، ليست المشكلة في البطالة أنّها محصورة في فقد المرء لمصدر قوته بل يتولّد عنها آثار نفسيّة وسلوكيّة واجتماعيّة خطيرة.
_ وهذه المأساة، فأيّ صناعة جديدة تصلح على عينّة مثل هذه؟
نحن اليوم أحوج من أيّ وقت لنُعلّم الفرد قيمته وأنّه حُرٌّ طليق تحت عبوديّة الخالق، وعليه أن يعلم أنّه يمتلك عقلاً واحداً ليُعلّمه، وجسداً واحداً ليحترمه، وحياة واحدة ليعشيها.
فيقول الواحدُ منا بصدرٍ رحِبٍ وخطوة واثقة، “إنّ صلاتي ونُسُكي ومحياي للّه ربّ العالمين”.

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
“وتبقى ثابتي الوحيد” بقلم فاتنة محمّد سويد(نص نثري)
التالي
موضوع عن علاج نقص فيتامين B12

اترك تعليقاً