فن الكتابة والتعبير

“محطّة استراحة” بقلم محمّد نور الفرج (قصّة قصيرة)

في آخر محطّةٍ للاستراحة من عناءتي السّفر
يقولُ سائقُ الباص الثّملُ
وهو يَتمايلُ بجسدهِ يميناً ويساراً
لا تنزل هنا فهذه استراحة العشّاقِ
انتظر بضعَ دقائقَ فقط
سنصلُ إلى الرّكن المخَصّصِ للعجائز
نظرته بنظرةِ الحيرة
النّظرةُ ذاتها الّتي أنظرُ بها أيّ عاشقَين
نظرةُ الحيرةِ
نظرةُ الخوفِ
نظرةُ الحقيقةِ
نظرةُ الاستسلامِ
النّظرة الّتي تجعلني دائماً مرتبكٌ وبحيرةٍ من أمري
تُرى ما الفرق بيني وبين العجائز ..!
هل هو بسيطٌ لتلك الدّرجة
الّتي جعلت ذاكَ السّاذج يقول لي لا تنزل هنا..!
لم يعلمْ هذا الأحمقُ بأنّي أرسمُ فتاتيْ بالكلمات
وأوزِنها في الأبياتِ
وأقتفيها في القصائدِ
وألثُم ثغرها في كلِّ قافيةٍ
لم يعلم بأنّي أراكِ في جميع العابرين
وأستنشقُ عِطركِ في كلّ نسمةٍ ربيعيّةٍ
ولكن إن رمتِ الحقَّ يا سلمى
إنّه محقٌّ في قولهِ
ولا ضيرَ بأنْ أجلسَ مع العجائز
فمذ غبتِ عني وأنا قليل الكلام
رفيقُ النّجوم
رفيقُ الجّدران
رفيقُ الكتب
رفيقُ القصائد
مذّ غبتِ عنّي ذبلت ملامحي
وابيضَّ شعري
وانحنى ظهري
وبقيت دمعةُ الكبرياء واقفةً على وجنتيَّ وتأبى النّزول
كان السّائق محقّاً حتّى وهو ثملٌ فأنا عجوزٌ كهل
يا سُليمتي .

إقرأ أيضا:رحلة عسكر /بقلم ديالا السيوف

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
غيابُك بوصلةِ الضّياع بقلم جودي أحمد كيلاني
التالي
إنطوائية، بقلم: ساجده علي الزغول

اترك تعليقاً