مقالات ونصوص متنوعة

جلد حنايا الروح، بقلم: ميمونة دريدر’ نص نثري

في عباب مرحلة جلد الذات، يكون العدو الذي تقدحه بالسب والشتم هو أنت! غير آبهٍ بكَ ولا بمشاعرك؛ السيّء في الأمر هو أن ترى شغفك يبهت حتى الانطفاء، وأنت جالسٌ جلسة العاجز المتململ، وكأنك لم تخسر نفسك تواً.. هذا ما يدسُرُني في أوام الكتابة، فينفتق جرح الكسر ويثعب من جديد. و أرسُفُ أنا في وديان اللاشعور مكبلةً بوهمِ قيد؛ لَأجزم أنه قيد الواقع! الذي لاطالما كان الحد الفاصل بيني وبين ما أريد، لِأقنع بلُفاءِ الإبداع الضامرِ بعد وعثاء المحاولة… وأنضوي تحت شجرة اليائسين إلى أن يناكفني الشغف -الذي ظننت أنه قد انطفأ- محاولاً انتشالي من تيار الوادي المكين، الجارف لكل شيءٍ أمامه؛ هذا ماجعل الشجرة يائسةً يابسة! فبين الحين والآخر يمتلئ الوادي بالماء متجهاً نحو الشجرة بشكلٍ هجومي، تصمد شجرتنا قبالته بكل ما تملك من أصالةٍ في الأرض، ولكن بعد المرة والكرة تضعف جذورها، وتشعث أوراقها فتتحول إلى اللون الخريفي المستميث، هذا إن لم تتساقط! بعد زمن من هذه الغارات: أمست الشجرة مرتدية ثوباً مرقوماً بالأسى؛ مِشجباً يمكث اليائسون حوله منهمكين في تعليق ذرائعهم وفشلهم على أغصانه.. ولايزال الوادي يعاود فيضانه، حتى تُقتلع الشجرة. ولكن ما مآل المسوّفين الذين جرفهم التيار يا ترى؟! ثم ما الذي ستصير إليه الشجرة؟ غير خشبٍ بالٍ لا ينفع حتى لأن يكون حطباً بسبب رطوبته! ومن يزرع شجرةً هاهنا! لما فعل ذلك وهو يعلم تمام المعرفة أنها ستعاني صراعاً عقيماً مع هذا الوادي الماحق؟! وفي سيل تساؤلاتي الحانقة ترجرجت الأرض فجأة؛ وحانت منّي التفاتةٌ للسماء، فرأيت المزن يتكاثف، ويبرق، ويرعد. انداح عليَّ طوفان الوادي فانجرفت معه بلا هدى؛ وبينما كنتُ أوارب الموج العنيف، كي يسمح لي بقليلٍ من التنفس انفلق النهر لشقّين على اليمين يبدو ماءً عذباً تحيط به أجمةٌ خضراء زاهية، وعلى الشمال خرابٌ مستشر وكأن مياهه تخرج من عينٍ حارة.. لاطالما كنت أراوح بين النجاح والفشل بين الحلم واليأس بين الفوز والخسارة هنا دائماً بين بين.. ولكن الآن إمّا خيارين: حياةٌ مكللةٌ بالمحاولة حتى الوصول للذة النجاح أو الجلوس بلا هدفٍ ولا غاية بلا همة ولا راية ومن ثم الجنون أو الانتحار.

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
طريقة عمل سلطة الجزر
التالي
عهدٌ سَبَقَ الفُراق ،بقلم: غدير حسين’ نص نثري

اترك تعليقاً