مقالات ونصوص متنوعة

أسيرة أنا في مدينة قطرها أنت ، بقلم : مي محمد علاونة

 في أول الشهر من تشرين الثاني التقيت بفتاة حسناء ذات مظهر جميل في مقهى القهوه كان اسمها وتين ، تسأل عن الغائبين، وتُنقذ الغرقى، وتدُل الحيارى، وتشغلها التفاصيل ولا تفوتها فائتة، وتدلو بدلو حُبها بكُل صدقٍ في بئر العابرين،طيبه للحد المرفوض، تتغاضى عن الجرح، وتتنازل عن الحق، وتمُد يدها لمَن أفلتوها.
– دائمًا غارقة فيهم وهُم بنجاة غيرها منشغلون، كثيرًا ما تُفارقهم وتلتفت، ومَن التفتَ بعد فراقٍ يرخَص ويهون.
سأخبركَ بشيءٍ يجعلك عزيزًا ما حييت؟!
ودَّع مَن لا يكترث لخدش نعليك، وفارق مَن لا يُحبك مثل نفسهِ أو أكثر، وحرِّم على روحك مَن لا يقبل عيوبك، ويشتري خاطرك، ويشتهي قُربك ويضعك في مُقدمة أولوياته ولو عادلَ في مكسبك خسارة العالمين،ما ذَنبُ قلبها ، إن كان لطيفُ لا يؤذي، فَيُؤذى، أتعلم! لو كان هناك حياة أخرى لوددت أن أكون شجرة، أقف إلى الأبد بهيئة غير حزينة ولا مبتهجة، نصفي ساكن في التربة والآخر يتطاير في الرياح،  ينثر ظلاً رطباً والآخر يستحم في ضوء شمس غاية في السكون، لا أتكئ على أحد أبداً ولا أسعى وراء شيء قط، نحنُ المُهمَّشون ، نحنُ لمُساء بنا الظن دومًا ، أصحاب الإعتذرات على الأشياء التي لم نفعلها ، تبريرات على أخطاء لم نرتكبها ، الجانب السهل والطريق المُمهد والشمَّاعات المُهملة ، المُنتهزون كالفُرص والضائعون بلا ملجأ ، والمُتهمون بلا اعترافات أو براهين ، الشعور بالذنب والندم ومنتصف الطُرق ، العتمة المُصطنعة ، الأيادي المتروكة والقلوب المخذولة ،  الصدور التي لا يعلم بزحام الألم فيها إلاَّ اللَّه،لوّحتُ كثيراً للأطفال ، إبتسمتُ للعابرين ، أحببتُ أُمّي فوقَ التّصورات ، سهرتُ الليالي وأنا أُصارع أفكاري وأهربُ منها، هجرَني ألفُ صديق ، وعشتُ صِراعاتٍ أزليّة مع ذاتي، تمّ خِداعي، صُعقتُ ونهضتُ بكاملِ قِواي، تلقيتُ خيباتٍ كثيرة، إما أن تأخذ حقك بذراعك أو تَغفر من كل قلبك و ملء إرادتك، لكن لا تقبل إلاعتذار .
-فالإعتذار هو الجزء الثاني من الإهانة ،
في الجزء الأول أخذ المسيء قطعة من كرامتك ،في الجزء الثاني يعيد القطعة إلى مكانها الصحيح ، فتحدث أشواط الذهاب و الإياب تلك، تراقب من بعيد، دون أن يملأ العذر فراغك كما يليق بمقامك ،بقيت ندبة كبيرة هناك ينبغي لها مرهم سحري و خيوط تجميل ،الخواطر تُؤخذ ولا تُمنح، إنزع باقة الزهور بيمينك قبل أن توضَع على ضريحك إكليلاً ،لماذا لا نكتب في خانة الإنجازات كيف تركنا البيت القديم ؟
خبأنا مشكلتنا عن قلوب أمهاتنا وتحملنا المسؤلية وحدنا بهدوء، تصرفنا بشجاعة عندما أجبرتنا الظروف أن نسلك طريقاً لا نحبه ، احتوينا حزن الاصدقاء، قُلنا أول كلمة عزاء ،لماذا لا نضع في خانة الخبرات تحديداً كيف صبرنا ، كنت قريب برغم البُعد ، أنتظرك كما عهدتني ، أعلم أنك لا تشعر بي ، لكني أستشعرك ، واليوم ولأول مرة بعد شهور من الإنتظار ، سلكتُ طريقًا مختلفًا بتفكيري ، طريقًا لا يؤدي إليك ،ثُم بكُل ما أوتيتَ مِن عزة نفسٍ وكرامة “إياكَ أنْ تلتفت”.

إقرأ أيضا:فوائد شرب زيت السمسم

المدينة :الأردن

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
طرق الاستمتاع مع أسرتك بالويك إند فى البيت
التالي
كيفية عمل الكوكيز بالاسبرنكلز

اترك تعليقاً